أدركت الله

أدركت الله في رحلتي صاحب استمد منه القوة و سند اعتمد عليه في أحلامي و أزماتي

أمنية الهوارى

11/12/20231 دقيقة قراءة

أدركت بعد عشرات السنين دقة عنايته الإلهية بتفاصيل حياتك و تدبيره لما كنت تعتبره عادياً و كان يُمهده لك لتكون به استثنائياُ. يُدربك على أمورٍ تراها أنت خدمة لأحدهم أو مساعدة للآخر و لُب الأمر أنك تُدرب بحرفية تامة لدور ستلعبه بعد عشرات السنين بكثير من المسؤولية و المهنية و التميز أيضاً ... و تجد أن مواهبك التي استخدمتها يوماً مع الأصحاب و المعارف هي ملكات و سمات شخصيتك و أساسيات مهنتك...

--------------------

أدركت أن الإخلاص في عمل أي شيء يحوله يوماً ما لقيمة و قامة وباب رزق و سبب من أسباب النجاح ... و أن صدق النوايا و صفاء السريرة ضمانة لسلامتك و حفظك و نجاحك.

--------------------

أدركت الله في رحلتي صاحب استمد منه القوة و سند اعتمد عليه في أحلامي و أزماتي فلما تجلى صاحباً و سنداً أحببته فأصبح حبيبي الذي أحكي له ما بقلبي و اخصه بأسراري و شكواي و احتياجي و أشهده على ألمي و أطلب آمانه حين يضربني الخوف من أي اتجاه.

--------------------

أستشعرت رحمته بي و لطفه في حتى و أنا مذنبة و أحياناً لاهية عن عبادته

إلا أنه حبيبي لم يهملني أبداً و لم يتخلى عن إعداده لي و تدبيره لدورٍ سأتولاه يوماً ما رغم أني قد أكون بحسابات البشر بعضهم رأني متمردة جامحة لا أصلح و آخرون اتهموني بأني أقل من النجاح إلا أنه وحده الله لم يتخلى عني أبداً في كل التحديات فكان ستره نجاة في كل الصعوبات و كان يسره استراحة محارب وقت ضعفي و قلة حيلتي.

--------------------

عرفني عليه في الشدة و بالشدة في الوجع و بالوجع و كنت كلما ضعفت أو خفت أو فاقت أحلامي السحاب تضرعت و ابتهلت و ذكرته سراً و علناً فوالله ما وجدته إلا يسوق لي الأسباب و يسخر لي بشر أدوا المهمات كما نسمة هواء في قيظ صيف ثقيل و ما أدري عنهم شيئاً بعدها و كأنهم كانوا ملائكته أو رسله لا اعلم غير أنه في كل تحدي نصرني و أعلاني و رزقني و فتح عليا بالنجاح رغم مشقة الطريق و رغم وحدتي ...

--------------------

أدركت أن الحاجة أو الحلم أو الشدة إشارة و سبب للدعاء ، و أن لولا احتياج ابن آدم ما سعى لله يدعوه، فتعرفت على جمال الله في وصفه بأنه قريب و يتقرب لكن جهلنا يصرفنا و كبرنا يُلهينا فخلق لك الإحتياج لتستخدم أنت أيها الضعيف قرب الملك العظيم و قدرته لتحقيق الإحتياج... دون صرف و تكليف و دون واسطة أو حليف فقط كلمات و يد ترفع للسماء ... فأدركت سحر الدعاء و عظمة الخالق و بعد عشرات السنين أدركت كيف يُبرمج العقل بالدعاء و كيف تعمل قوانين الجذب بالدعاء ، فأدركته عظيما جليلاً حياً قيوماً أراد لنا التسهيل في كل الأمور و أراد منا فقط إعمال العقول.

--------------------

أدركت أن حديث النفس إما أن يكون مع الله لذلك تطمئن القلوب بالذكر ، و إما أن يكون مع الشيطان فتهيج الأفكار و تحتقن الصدور. أدركت أن الذكر قوة روحية و طاقة جسدية و آفاق فكرية ، أدركت كيف فتح الله بالذكر فتحٌ لا يقتصر على جانب دون الأخر بل هو فتح شامل كامل لكل فوارغك ، لا أستطيع وصف فضائل الذكر، لكني أعلم أنه قوتي وقت ضعفي و همتي و عزمي وقت كسلي و انطفائي و غنايا وقت فقري و مناجاتي لحبيبي وقت السحر ، فأدركت حلاوة الذكر في وصل الله و استشعرت معيته بذكره أطراف الليل و النهار ، فهمت و أدركت هذا المعنى جداً، و أنها أوقات تظبط ساعتك البيولوجية أيها الأنسان و تعلي طاقتك بالنهار و تُنحي عنك الشيطان إذا حل الظلام فلا يستطيع الانفراد بك و أنت منهك من عمل النهار.

--------------------

أدركت قيمة الاختيار و أن الإنسان مُخير في كل ما يملكه من قدرات و مهارات و فرص ساقها الله له ، أنت فقط إما أن تُفعل زر التقوى أو زر الفجور و حالك و ما أنت عليه هو الذي يُمكنك من الاختيار. و أدركت أن من لم يحسم أمره فجور أو تقوى سيظل يخلط العمل الصالح بالطالح و لن يُحسن الاختيار. ففهمت أن صراط نفسك هو ما بين فجور نفسك أو تقواها فإن اخترت تزكيتها ضمنت الصراط المستقيم في الآخرة، فكل ما اجتهدت في تزكية نفسك كل ما احترفت قوة الإتزان في الدنيا و سرعة العبور عليه في الآخرة.

--------------------

أدركت معنى أن" البر لا يُبلى و الذنب لا يُنسى و أن الديان لا يموت "، كم آسرتني هذه الجملة كثيراً، كانت تدغدغ جوارحي حين أسمعها و اطمئن بها كثيراً أن ما اتحمله من أجل البر سألقاه حتماً كم كانت تبث فيني الأمل و الطاقة و انتظار العوض كم كانت ملاذي وقت تخليهم و ردي وقت انسحابهم ... كم كانت عزائي في كل لحظة ضعف و حسرة أدركت عظمة الديان وقت تصفية الحسابات و أدركت كرمه وقت العوض ، أدركت و آمنت و سلمت أن حتى صغائر البر لا تُبلى عنده و مازلت على يقين أني سأجد منه المزيد ... فهل بعد كل هذا ينشغل بالي بغيره حبيب.

--------------------

أدركت أن اليقين بالله فطرة تندثر بالمعاصي و الذنوب و التعلق بأمور الدنيا و تتجلى هذه الفكرة بتزكية النفس و مواصلة العبادات ، و اللجوء إلى الله في الشدائد و بالذكر و الحديث معه ، و تدبر قرآنه....إلخ مما طالبنا الله به، بإختصار أدركت أن اليقين بالله هو رحلتك الأساسية في الحياة ،عليك فقط أن تعرف طريقك إلى هذا اليقين.

--------------------

أدركت أنك إن امتلأت بحب الله فقط صغرت الدنيا في عينيك و تقلصت مطالبك منها و اكتفيت بما قسمه الله لك بل و قد تجده كثيراً و يكفيك، و يغلب عليك الزهد في حالها و تشتاق لما عند الله ، بل و تشتاق لرؤيته و كيف هي هيئة جلاله و ما هو حال الحياة الآخرة.

--------------------

أدركت أهمية القلب و أنه لب الحياة و لب العبادة و لب الإنسانية و أن به كل الخير أو كل الشر ، أدركت بتجاربي مع البشر إن صلاح القلب هو صلاح حالك كإنسان فهو كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم، (أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ). شهدت يا رسول الله على هذا الحديث بتجربتي مع البشر.

--------------------

أدركت معنى أن تكون (صلاتي و نُسكي و محياي و مماتي لله رب العالمين،) فهمت كيف تكون أدق تفاصيل يومك و بالتالي حياتك موجهة لعبادة الله ، و أن يكون هو الله القبلة و هو سبب وجودك و أن كل ما خلقه الله لك ما عليك إلا أن تستخدمه لتحقيق الهدف من خلقك ألا وهو العبادة ، و أن انشغالك بالنعم هو أكبر معطل عن عبادة المنعم وقتها لن تدرك كيف تكون حياتك لماماتك لله رب العالمين، فالأمر يحتاج شدة الإنتباه و حب الطاعة و عزم الفعل.

--------------------

أدركت أن لله عباد يختصهم بما لا يتحمله غيرهم من مشقات فيهب لأحدهم صبراََ تتعجب منه و يعطي آخر وسع نفس تستعحب كيف له أن يُطيق ما لا يقبله عقل و يعطي آخر مثابرة و إصرار يجعله رغم كل الفشل و التخلي يُكمل ما يبدأه و لا يبالي بسقوطه، وجدته يزكي هذا بالعلم و يؤتيه غيره الحكمة و يوزع قدرات خلاقة و مبدعة في نفوس البشر ما أن تعرف عليها الإنسان تبدل حاله بالتمام من فشل لنجاح و من ضعف لقوة، قوة النفس البشرية التي أدركت حين تتبعتها أنا لا قوة مال و لا سلطة و لا فرص تْعادل أن يجتبيك الله بصفات في نفسك تطوعها و تسخرها بما ينفعك و يزكيك أنت فقد تحتاج لإعمال عقلك في تشغيل جهازك الداخلي و بصيرة قلبك المرشدة.

--------------------

أدركت أن الله أحيانا يُجري الدعاء على لسانك لأنه جزء من دورك الذي يُعدك له، أو شيء من أرزاقك ستمتلكه مستقبلا ، يجري الله على ألسنتنا ما يعلم أنه نافع لنا و أنه أحد تدابير حياتنا، فيخلق الإحتياج و الرغبة لديك و يجري الكلام على لسانك و حين يتحقق الدعاء و تنول ما اعتدت الدعاء به تتذكر أنك كنت تدعي هذا الأمر بشكل مرتجل غير مقصود منك و أنه كان دعاء عابر على لسانك لأنه مألوف ، لكن لله مقاصد أخرى و تجليات يُعرفك بها عليه. فاللهم عرفنا عليك بإحسانك دائماََ