القوة أم الضعف

القوة أم الضعف ...

أنا جاية أحسم جدل مثار حول فكرة أن الشخص القوي شخص سيء و سيرفضه المجتمع و خاصة لو كانت بنت !!!

من و أنا في ثانوي كثيرون من عايروني بقوتي!!!

أقاربي، أمي و أحياناً أخويا

و كثيراً ما رُفضت من رجال تقدموا للزواج بسبب إني قوية!!!!

و كأن مسؤوليات منزل الزوجية و تربية الابناء لن تحتاج لهذه القوة

و أذكر مرة دخلت في نقاش مع أحدهم قال لي : كل حاجة فيكي جميلة شكلاً و موضوعاً إلا حاجة واحدة بس ، انك قوية!!!

ضحكت جداً يومها و رديت : طب مش يمكن أنت اللي أضعف

قالي : شوفتي ردك

قلت له : أصل القوة مش شتيمة و لا وصمة عار الله القوي

بص هما خيارين عندك في مسألة إني قوية

قال لي : اللي هما ايه ؟

قلت له : كرجل و كزوج يا تبقى الأقوى يا تبقى الأضعف

و بما أنك علقت على قوتي يبقى احساسك بنفسك أنك الأضعف و بصراحة أنا أحب زوجي يبقى الأقوى، و بهدوء انسحبت و اعتذرت.

و غيرها مواقف كثيرة مريت بها مع مديرين ، موظفين و حتى أقرب الناس لي ( أمي) كانت دايماً تعايرني و تقولي أنت قوية زي عماتك 😘 ما حدش هيتجوزك و أنت قوية

و كان ردي دائماً : بس عماتي كلهم متجوزين 😄

رغم إن كل تفاصيل معيشتي معاها من تمريض و تحمل مسؤوليات...إلخ لو لم أكن قوية لما استطعت تحمل كل هذه الأعباء لعشرات السنين...

و الحقيقية إن خلال رحلتي المتواضعة في الحياة مواقف كثيرة مررت بها احتجت لهذه القوة التي أؤمن أنها إحدى هبات الله لي.

و كل ما راودني حديث نفسي عن فكرة التخلص من هذه القوة أجد الرد سريعاً يأتيني بطلب مساعدة أو نصيحة أو خدمة من أحد هؤلاء الذين عايروني بقوتي!!!!

حتى أدركت أنها إرادة الله فيني ، و أنها ليست وصمة عار و مع الوقت أدركت أنها استثمار حقيقي.

مؤخراً في عملي مع الناس جربت أن أقلل منها فوجدت كثيراً من عملائي الأعزاء يرددون على مسمعي

- يا دكتور أحنا لولا قوتك كنا زمنا انهارنا أو أخذنا قرارت غلط

-قوتك ديه بتنور حاجات جوانا

- صوتك بقوتك بيكون خلاص لينا أحياناً في مواقف كتير ف حياتنا

- لا يا دكتور دا أحنا بنتشعلق بقوتك

- نفسنا نبقى زي حضرتك... إلخ

عبارات كثيرة مختلفة من ناس قدرت معنى القوة يمكن لأنهم خسروا بسبب ضعفهم و يمكن لأنهم نجحوا لما اتعلموا القوة..

ففهمت إن على الوجه الاخر من الحياة يوجد من يحتاج إلى القوة و من افتقدها و خسر بضعفه أشياء مهمة فأدرك أهمية أن يكون قوي.

و اللي يعرفني يعرف إني قوية لكني لست بالقاسية

أو الشخص الذي يضمر الشر للآخرين.

و أؤمن أن القوي حين يمارس الفضائل يمارسها بقناعة و قوة على سبيل المثال...

الضعيف يعطي مضطراً لاسترضاء الناس أو خوفاً منهم أو كي لا يخسر

أما القوي حين يعطي فهو إيماناً منه بقيمة العطاء، يعطي و لا يهاب الآخرين و لا يخشى الخسارة و في مستوى أعلى هو يبتغى وجه الله

القوي يعتذر حين يخطىء و يسامح الآخرون حين يخطئون، سهل على القوي ممارسة الفضائل و القيم الإنسانية و لا يحارب و لا يصارع من أجل الأشياء و لا يستحوذ على العلاقات و الأشخاص خوفاً منهم أو عليهم أما الضعيف يرى التهديد و الخسارة في كل شيء و أولها العلاقات فيضطر للاسترضاء و التحايل و الغش أحياناً و اتهام الآخرين بالزيف كي يحافظ على مكاسبه و علاقاته.

و لحسم هذا الجدل حول القوة و الضعف استعرض معكم بعض أيات الله التي يتحدث فيها عن القوة و بداية سمى الله نفسه القوي، المتين و المهيمن و حين وصف حال الشيطان قال ( إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَـٰنِ كَانَ ضَعِيفًا )

و الحقيقة إن الخطوة الأولى للشيطان مع بني آدم هو إضعافه ليتمكن من السيطرة عليه، فكل من أرادك ضعيفاً أراد تغييب عقلك ليتمكن من السيطرة عليك

فماذا قال الله تعالى عن القوة في كتابه مخاطبا أنبياؤه و بنو آدم "وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ"

تحفيز من الله لإخراجك من حال الذنب لحال الضعف لحال القوة بالاستغفار.

كثير من مسؤولياتك في الحياة لا تنجز إلا بالقوة و أدوارك في الحياة تحتاج منك القوة فقال الله تعالى

* يا يحيى خذ الكتاب بقوة

*وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا

آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

* قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ

*قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ

* (ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) وصفه لجبريل

*وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا ۚ سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ

و لا ننسى حديث سيدنا رسول الله ( المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف)

الخلاصة و بعيداً عن تجربتي الشخصية فحين تحريت القوة في الكتاب و السنة وجدتها من الصفات المحمودة التي دعانا الله لها و وجدتها درعك الحصين من أفعال إبليس